بسم الله الرحمان الرّحيم
اللهمّ صلّ على من أرسلته رحمة للعالمين
سيّدنا محمّد حبيبك و صفيّك من بين خلقك أجمعين
وعلى آله وصحبه و سلم تسليما.
إنّ المباركة حولِ المسجد الأقصى واضحة جليّة عبر الزّمان .فكلّ من يكون المسجد الأقصى تحت سيطرته
يكون هو المتمتّع بهذه المباركة .فانظر عبر التاريخ ستجد أنّ الأمّة التي يكون المسجد الأقصى تحت نفوذها
تكون هي صاحبة الكلمة العليا في الكرة الأرضيّة ، وهذه إرادة المولى جلّ جلاله وحكمته بلا محابات
[ إِنَّ اللهَ لَا يُغَيِّر مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ] الرّعد.11.
يقول الله تعالى : [سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ].الإسراء.1.
فإلى جانب الإسراء به صلى الله عليه و سلم من المسجد الحرام بمكّة إلى المسجد الأقصى بالقدس وبعد
وضوح مدلول المباركة حوله ، فقد عرج به إلى السّماوات العلا وهي كذلك مسجد أقصى ، فقد طاف
الكون بأسره ووصل إلى أبعد نقطة يعبد فيها المولى جلّ جلاله فمطلق الوجود هو مسجد يعبد فيه الحقّ
[ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ
وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ...].الحجّ.18.وقد صلى بالأنبياء والرّسل بالمسجد الأقصى صلاة جمع زمانا
ومكانا جسدا وروحا، وهذا ليس بعزيز على عظيم الشان.كما صلى بهم صلاة إتّصال في المسجد الأقصى
مطلق الوجود ، كلٌّ في محلّه من وجوده و شهوده صلى الله عليه وسلم
أمّا نصيب الصّادق من أهل النّسبة فهو المعراج القلبي الذّي ينطلق فيه من مشكاة حسّه عبر المراحل التي
ذكرها المولى جلّ جلاله في الآية 35 من سورة النّور : [اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ
فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا
غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثَالَ
لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.] فإذا صحّت علاقته برسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من الكون بهمّته
ويزجّ به في نورالحقّ حيث المباركة حول "المسجد الأقصى" والقاعدة معلومة من وضع يده على المسجد
الأقصى الحديث المعروف :"...كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها..."
صحيح البخاري.والله و رسوله أعلم.